مقدمة:

كان الإعلام دائماً بأدواته المتعددة، وأساليبه المتجددة، ومضامينه المؤثرة، ممهداً للكثير من التحولات الكبرى عبر العصور، فتعاظم دوره وتوسعت مهماته، بحيث غدا حاضراً في مفاصل الحياة اليومية للأفراد والجماعات، وللسلطات الرسمية، ولمنظمات المجتمع المدني، وغيرها. وكما الاتصال نشأ الإعلام كحاجة إنسانية تطورت مع الوقت، فانتقلت من عمل فردي إلى مؤسسة متخصصة، فالإعلام هو في أساس التفاعل البشري القائم على العلاقة الإنسانية. و«منذ وجود هذا التفاعل البشري، يعيش المجتمع الإنساني في إطار ثلاث منظومات رئيسية: المحيط الحيوي، المحيط المصنوع والمحيط الاجتماعي. تنشأ المشكلات البيئية نتيجة خلل أو تدهور في بعض التفاعلات في ما بين المنظومات الثلاث. رغم أن الإنسان ليس مركزاً لمثلث التفاعلات بين المنظومات، إلا أنه يمثل جزءاً من عناصر كل منها. تتفاعل هذه المنظومات إذاً بفعل الإنسان وعمله، ونتيجة هذا التفاعل تؤثر على حياته»[1] في مختلف جوانبها، منها الاجتماعية، والصحية… والبيئية.

وفي لبنان تتفاقم المشكلات البيئية وتتوالى فصولها براً وبحراً وجواً من دون توافر حلول جذرية لها، أبرزها مكبّات النفايات العشوائية، والصرف الصحي، وتلوُّث البحر والشاطئ، وتلوّث نهر الليطاني. واقع بيئي متدهور حذّرت من تداعياته مراراً التقارير العالمية والإنذارات الدولية، وبحسب منظمة الصحة العالمية احتل لبنان في عام 2018 المرتبة الأولى‏[2] بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً على عدد السكان، إذ يوجد 242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني، بينما سجلت أكثر من 17 ألف إصابة جديدة عام 2018، 8976 حالة وفاة في العام نفسه.

وبحسب تقرير منظمة غرينبيس وتحليل البيانات الصادرة عن الأقمار الصناعية في الحقبة الممتدة من 1 حزيران/يونيو إلى 31 آب/أغسطس من عام 2018، احتلت منطقة جونية المرتبة الخامسة عربياً، والـ23 عالمياً من حيث نسبة الغاز الملوِّث ثاني أوكسيد النيتروجين في الهواء.

حيال الإنذارات الدولية وإحصاءات المنظمات البيئية الصادمة، يتبين أن الوعي البيئي المجتمعي لا يوجد بذاته ولذاته إنما هو عمل بنائي تراكمي تتضافر جهود مجموعة أطراف فاعلة في المجتمع ومهتمة بموضوع البيئة على تكوين هذا الوعي. وإذا كانت الجمعيات الناشطة في الحقل البيئي هي المعنية في تكوين هذا الوعي، فإنها تبدو غير قادرة لوحدها على ذلك ويلزمها وسائل وأساليب ومهارات غير متوافرة لديها. من هنا فإن محددات علاقتها بوسائل الإعلام يعدّ عامـلاً مهماً في إشاعة الوعي البيئي في المجتمع. مع الإشارة إلى أن هذه العلاقة بين الطرفين لها امتداداتها بعلاقات أخرى، يجد كل منهما نفسه مضطراً إليها، من ناحية أولى علاقة الجمعيات بالباحثين والدارسين ليتزودوا بالمعطيات الموثقة والدقيقة، ومن ناحية ثانية، علاقة وسائل الإعلام بصناع القرار على المستويين السياسي والاقتصادي.

وعلى الرغم من تضخم المجال الإعلامي، وتنوع وسائله، وعلى الرغم من تكاثر أعداد الجمعيات البيئية في لبنان، وتزايد الناشطين البيئيين، تبرز مشكلة مراوحة الأزمات البيئية من دون إيجاد أي حلول جذرية لها. يضعنا هذا الواقع أمام الإشكالية التالية: هل لنوعية العلاقة بين الجمعيات البيئية ووسائل الإعلام من أثر في مستوى الوعي البيئي والتصدي للأزمات البيئية؟

من خلال هذه الدراسة توسعنا في الإضاءة على العلاقة بين الجمعيات البيئية ووسائل الإعلام في لبنان، لكشف ما إذا كانت هذه العلاقة سوية بين الطرفين أو يشوبها تحديات تُعيق مجالات التعاون بينهما. كذلك أظهرت الدراسة الظروف التي تحكم آلية عمل عيّنة من الجمعيات البيئية وعيِّنة من الصحافيين البيئيين في ضوء تجاربهم في معالجة الملف البيئي في مؤسساتهم الإعلامية، لنتمكن من تحديد نوعية العلاقة بين الطرفين وأثرها في تعزيز الوعي البيئي المجتمعي وبالتالي الحد من الأزمات البيئية.

أولاً: قلق سبق الإعلام البيئي

في مراجعة للمسار التاريخي الذي شهده الاهتمام البيئي، وقبل أن تتكوّن هوية الإعلام البيئي، برز قلق الإنسان على بيئته منذ عصر الحياة الزراعية التي تميَّزت بأعراف وتقاليد هدفت إلى تنظيم عملية جني المحاصيل، والتحطيب، ونوعية المواشي التي تذبح وغيرها من العادات التي تشير إلى اهتمام الإنسان المبكر بحماية البيئة ومواردها. إلا أن الاهتمام البيئي لم يستمر خلال العصور المتعاقبة، وتحديداً في عصر الثورة الصناعية، حيث أدى التطور التقني الآلي والعلمي والتقاني إلى جموح الإنسان في استخراج الموارد الطبيعية واستنزافها، وفي مضاعفة المحاصيل الزراعية، على النحو الذي يضر بالبيئة ويخل بتوازن النظام الطبيعي والإيكولوجي، وهو ما أيقظ الوعي لدى بعض العلماء والباحثين تجاه مخاطر الآثار السلبية التي تتركها تلك الثورة وتبعاتها في البيئة؛ فظهرت في بدايات النصف الثاني من القرن الماضي مجموعة من الدراسات المحذّرة من هذا التعاطي، منها كتاب الربيع الصامت لعالمة الأحياء راشيل كارسون (Carson Rachelle) الصادر في عام 1962، والذي مثّل جرس إنذار لتدارك آثار الحضارة الصناعية في البيئة في الولايات المتحدة. وقد لفتت كارسون الأنظار في كتابها إلى قضية اختفاء أنواع من الطيور، وما لحق الحياة البرية من أذى نتيجة الاستخدام المتزايد للمبيدات والمواد الكيميائية الزراعية. نتيجة الجدل الذي أثير بعد هذا الكتاب على المستوى القومي، أصبح هناك تيار شعبي ضاغط مهتم بحماية البيئة، وهذا ما دفع الكونغرس إلى إصدار قانون السياسة الوطني للبيئة عام 1969.

ولكن لم يبرز الاهتمام الجدي بالقضايا البيئية، ولم تبدأ ملامح الإعلام البيئي تتكوّن إلا مع اهتمام الحكومات وعقد مؤتمر ستوكهولم، تحت شعار «نحن لا نملك إلا كرة أرضية واحدة» في عام 1972، وفيه تم إطلاق أوّل تعريف رسمي للبيئة، بأنها: «جملة الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته». واعترف المجتمعون بدور التربية البيئية بوصفها من مداميك المحافظة على البيئة ونشر الوعي البيئي. إلا أن اهتمام معظم الحكومات بالقضايا البيئية بدأ بطيئاً وخصوصاً مع تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة الوثيقة المتعلة بحقوق الدول وواجباتها، التي أكّدت «حقوق الدول في التنمية من دون الإشارة للمعايير البيئية»، فتجاهلت الدول المتقدمة قضية البيئة وتنصّلت من مسؤولياتها حيال التداعيات البيئية المترتبة على أنشطتها الاقتصادية. فاستمر الكباش بين البيئيين والصناعيين، إلى أن «برزت النقطة الحاسمة في عام 1983، بعدما طلب الأمين العام للأمم المتحدة من رئيسة وزراء النرويج غرو هارلم برونتلاند (Gro Harlem Brundtland)‏[3] تأليف لجنة للبحث عن أفضل السبل التي تمكّن كوكب الأرض، الذي يشهد نمواً متسارعاً، من أن يستمر في إيفاء الحاجات الأساسية من خلال صياغة افتراضات علمية تربط قضايا التنمية بالعناية بالبيئة والمحافظة عليها. وبالتزامن مع نشر الوكالة العالمية للبيئة والتنمية لتقريرها «مستقبلنا المشترك» في عام 1987، جاءت الصدمة البيئية الكبرى للرأي العام، ألا وهي اكتشاف ثقب الأوزون في القارة المتجمدة الجنوبية، التي دفعت إلى الاتفاق في العام نفسه على بروتوكول مونتريال لمعاهدة فيينا، حول حماية طبقة الأوزون، وأصبح مفهوم «التنمية المستدامة»‏[4]، مفهوماً محورياً للتفكير المستقبلي».

مع تزايد الاهتمام البيئي تدريجاً اتسعت نظرة الرأي العام إلى القضايا البيئية، وتحديداً مع عقد منطقة ريو دوجينيرو أوّل قمة بيئية عالمية، بعنوان: «قمة الأرض»، في عام 1992. تكمن أهمية هذه القمة في أنها جذبت أنظار الرأي العام إلى البيئة، ومهدت الطريق أمام مفهوم التنمية المستدامة وعلاقتها بالتغيرات المناخية. في هذه القمة، ألزم المجتمع الدولي نفسه بمفهوم التنمية المستدامة، وصاغ قانوناً دولياً بيئياً، إضافة إلى تبنيه اتفاقيتين عن تغير المناخ، وعن التنوع البيئي. هذه القمة نقلت الحديث عن القضية البيئية إلى مرحلة «تدويل الإشكالية البيئية، (L’Internationalisation de la problématique environnementale)‏[5]. في هذه المرحلة تنامى الوعي البيئي وظهرت حركات بيئية قادها مفكرون ومثقفون في الغرب. وبدأت تتثبت معالم الإعلام البيئي وتتسع أدواره ليس عبر إيصال رسائل الحركات البيئية إلى الجماهير فقط، إنما عبر إشراكهم وحثّهم على تبديل سلوكياتهم المضرة بالبيئة.

ثانياً: واقع الجمعيات البيئية في لبنان

يصعب تعداد الجمعيات البيئية غير الحكومية المنتشرة في العالم، أما في لبنان «فيتجاوز عددها الـ 816 جمعية بيئية مسجلة»، بحسب رئيسة مصلحة التوجيه البيئي في وزارة البيئة المهندسة لينا يموت‏[6]. تتوقف يموت عند التقرير الإحصائي الذي أجرته وزارة البيئة عن أعداد الجمعيات البيئية بين أعوام 2008 و2016، فتوضح: «قسمنا الجمعيات المسجلة إلى فئات: الأولى فئة (أ) تضم الجمعيات التي أهدافها التأسيسية 100 بالمئة بيئية، الثانية فئة (ب) تضم الجمعيات البيئية التي أهدافها التأسيسية 50 بالمئة و75 بالمئة بيئية، الفئة الثالثة (ج) تضم الجمعيات التي أهدافها التأسيسية أقل من 50 بالمئة بيئية» وقد تبين لنا أن الجمعيات الفئة (أ) التي هي بيئية صرف عددها 65 فقط، وجمعيات الفئة (ب) عددها 51، أما الأغلبية فكانت للجمعيات من الفئة (ج) التي أهدافها البيئية لا تتجاوز 50 بالمئة، وعددها 700.

تتعدد التسميات التي تندرج تحتها الجمعيات، ويطغى عليها في الإجمال العمومية والرمزية، إذ لا ينطبق عليها مقولة «يُقرأ المكتوب من عنوانه»، نظراً إلى أن قلة قليلة من الجمعيات يمكن الاستدلال إلى أهدافها ودورها من تسميتها. هذا المؤشر لا يمكن الاستخفاف به، فهو يحمل في طياته دلالة على غياب التخصصية إلى حد كبير في صفوف بعض الجمعيات وإظهار نفسها على أنها ملمّة بالقضايا البيئية كافة. في هذا السياق تأسف يموت لغياب التخصصية، قائلة إن الإلمام بمختلف الشؤون البيئية مسألة مهمة، «إلا أن جمعياتنا تفتقر إلى التخصص والتعمق بتفاصيل بيئية، ولا سيَّما أن مع تداخل القضايا البيئية والتطور التكنولوجي السريع، بِتنا في منافسة من نوع آخر، لم يعد بوسع أي شخص الإلمام بأي موضوع، ولا بد من الاتجاه نحو التخصصية. المؤسف أننا بتنا نرى المحامي يتحدث في البيئة، وأستاذ التاريخ يحاضر بالبيئة، وكل من أحب الظهور إعلامياً يتوسل البيئة، في المقابل أحياناً لا نجد شخصاً أو شخصين متخصصين في جمعية بيئية، حائزين شهادات في مجالات البيئة».

ويعود جزء من إصرار معظم الجمعيات البيئية على إلمامها بمختلف القضايا البيئية، إلى رغبة مبطنة لديها في استمالة الجهة الممولة، فهي بابتعادها من التخصص تبقي على هامش أوسع يمكنها من تبني المشاريع واجتذاب الممولين. وهذا ما يؤدي إلى رفع مستوى المنافسة بين الجمعيات من دون ضمان إيصال الرسالة البيئية الصائبة. في هذا الصدد توضح يموت: «بعض الجمعيات أخذت على عاتقها مكافحة الحرائق أو حماية الغابات، فبدت ممسكة بملفاتها، أما من تشعبت أهدافها فنجدها تتخبط، وتراوح مكانها وأحياناً كثيرة تضيّع هدفها الأساس، والدليل أن الجمعيات التي تنجح في استقطاب تمويل خارجي لتنفيذ مشاريع محلية، لا يتجاوز عددها أصابع اليدين».

وحيال عشوائية استضافة وسائل الإعلام لشخصيات تحت صفة «خبير بيئي»، تلفت يموت إلى كتاب رسمي تحذيري وجهته وزارة البيئة لوسائل الإعلام كافة منذ أيلول/سبتمبر عام 2015، مفاده «أن البيئة هي علم شاسع بحد ذاته، ولا يمكن لوسائل الإعلام محاورة مواطنين ينتمون إلى هيئات بيئية وتطلب منهم معلومات علمية حول مواضيع ومشكلات بيئية، مطلقة عليهم تسمية خبراء بيئة، لذا عليها التأكّد قبل استضافة هؤلاء من الشهادات التي يحملونها».

تتفاوت وتيرة أنشطة الجمعيات البيئية في لبنان، بعضها تتسم حركته بالموسمية وبعضها الآخر لا يتحرك إلا بعد وقوع مشكلة أو تأزم قضية، والمثل الأقرب إلى ذهننا، قضية التخلص من النفايات والجدل الذي رافق إقفال مطمر الناعمة، إذ تعلو صرخة الجمعيات البيئية بين الفينة والأخرى، لتعود ويخفت صوتها ثم تعاود التصعيد. وكمثال آخر على موسمية حركة الجمعيات البيئية، تلك التي تعنى بحماية الشاطئ، إذ تكاد تطل مرة في السنة، وسرعان ما تتلاشى همتها وتغيب معها حملات التوعية على مدار السنة، إضافة إلى قضية تلوث نهر الليطاني التي تراوح مكانها.

إن تشعّب مهمات العدد الأكبر من الجمعيات البيئية، يمنعها من التركيز على تنفيذ أهدافها وتحقيق كامل برامجها. كما أن اعتماد الجمعيات الكلي بالدرجة الأولى على متطوعين لهم انشغالاتهم الخاصة في الحياة اليومية، يبطئ حركتها. على سبيل المثال تدعو غالباً إحدى الجمعيات إلى حملة تشجير، وسرعان ما يحصد الإعلان عن النشاط مئات الـ likes، والتعليقات المرحبة على مواقع التواصل الاجتماعي. وعندما يحين يوم تنفيذ النشاط البيئي يتدنى عدد المشاركين، وأحياناً يتم تأجيل النشاط إلى حين تأمين ناشطين أو طلاب مدارس أو الاستعانة بجمعيات أخرى. أضف إلى ذلك مشكلة التمويل التي تشكوها معظم الجمعيات على حد سواء. في المقابل تبدي جمعيات مستوى عالياً من المسؤولية والالتزام ولا سيَّما تلك التي تنشط في لجان تشرف عليها وزارة البيئة، والتي انخرطت في مجالس مثل المجلس الوطني للصيد البري، والمجلس الوطني للمقالع والكسارات، والمجلس الوطني للبيئة.

ثالثاً: إشكالية العلاقة بين الجمعيات البيئية ووسائل الإعلام

في ورقة بحثية بعنوان: «دور المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني في الإدارة البيئية العالمية»‏[7]، تلفت بربرا غميل‏[8] وأبيمبولا باميدلي – إيزو‏[9] إلى خمسة أدوار رئيسية تؤديها منظمات المجتمع المدني وهي: «جمع المعلومات ونشرها، تطوير السياسات الاستشارية، تنفيذ سياسات، التقييم والرصد، الدعوة إلى إحلال العدالة». انطلاقاً من هذه الأدوار المنوطة بها، تبرز مسؤولية هيئات المجتمع المدني عامة، والجمعيات البيئية خاصة في مساعدة الإعلام لكي يرتقي إلى مستوى تحفيز المواطن على تغيير سلوكه وأساليب تعامله مع البيئة. لذا بقدر ازدهار أنشطة الجمعيات البيئية، وتماسك معطياتها، وقوة رصدها وغنى بياناتها، تتوسع أدوارها وتتعمق مسؤوليتها في مساندة الإعلام البيئي على القيام بدوره. فالجمعيات المواكبة للوضع البيئي ومستجداته لحظة بلحظة، ستُغني الإعلام بما تملك من معطيات، بينما الجمعيات ذات الداتا الهزيلة، ستعجز عن تزويد الصحافيين بالأرقام الدقيقة والمعطيات الحديثة التي قد يحتاجون إليها في إعدادهم موادهم الصحافية. من هنا يتبين أنه في جزء من ضعف مهارات الصحافيين محدودية مهارات الجمعيات والناشطين البيئيين. وهذا ما دفعنا إلى البحث عن طبيعة العلاقة بين الجمعيات البيئية في لبنان ووسائل الإعلام، وفيما إذا كانت الجمعيات البيئية تخصص دورات وورش عمل للصحافيين، وفي الوقت عينه فيما إذا كانت تُدرّب عناصرها على اكتساب مهارات إعلامية، كذلك معرفة مدى حاجة كل من الطرفين إلى الآخر.

وبغرض معرفة مدى مساندة الجمعيات البيئية للإعلام اللبناني ومساعدته على إشاعة وعي بيئي، وبالتالي الحد من الأزمات. أجرينا مقابلة نصف موجهة، مع عشر جمعيات بيئية‏[10]، تضمنت 72 سؤالاً، موزعة ضمن محورين: الأول يركّز على المهارات التواصلية لدى كل جمعية إضافة إلى هويتها، عملها، أهدافها… أما المحور الثاني فيذهب أبعد من الأمور الداخلية، إلى اهتمامها بالعملية الإعلامية وطروحاتها حول إمكان الإعلام إشاعة ثقافة بيئية في أساليب عمله. (هل تتواصل الجمعية مع وسائل الإعلام؟ لماذا؟ ما الغاية من التواصل؟ هل سبق أن طلبت وسيلة إعلامية منها تزويدها بوثائق وأرقام؟ متى تلجأ الجمعية إلى الإعلام؟).

لذا سنحاول في ما يلي الوقوف عند العلاقة من منظور الطرفين: الجمعيات البيئية من ناحية والصحافيين البيئيين من ناحية ثانية.

1 – العلاقة بين الجمعيات البيئية والإعلام  من منظور الجمعيات نفسها

أ – الجمعيات البيئية والمهارات التواصلية

في معرض بحثنا عن وعي الجمعيات لأهمية الاتصال، يتبيّن أن الأغلبية، بمعدل سبع جمعيات من أصل عشر جمعيات، رأت أنها تولي الاهتمام الكافي للاتصال. في حين ذكرت جمعيتان أنّ مهاراتها قوية إلى حد ما، وجمعية واحدة صنفت مهاراتها التواصلية بالضعيفة. ولدى البحث في الأساليب المعتمدة، نجد أن جمعية واحدة من أصل عشر جمعيات لديها ملحق إعلامي، وهي «الاتحاد اللبناني لحماية البيئة»، الذي يضم تحت لوائه نحو خمس وأربعين جمعية بيئية من مختلف المناطق اللبنانية. في حين تجد الجمعيات التسع أنه يتعذر على الجمعيات متواضعة الحجم اعتماد ملحق إعلامي لأسباب مادية. كذلك يتبين أن خمس جمعيات بمعدل النصف تملك موقعاً إلكترونياً، بينما اكتفى النصف الآخر بالاعتماد على تفعيل صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي جولة سريعة على المواقع الإلكترونية الخاصة بتلك الجمعيات، بدا مستغرباً غياب التحديث المستمر عنها، بعضها توقف الزمن عنده العام المنصرم أو عند آخر نشاط بيئي نفذته الجمعية. فقد بدا واضحاً غياب من يشرف على الموقع ويجدد مضامينه، ناهيك بأن بعض المواقع يفتقر إلى خريطة، يتعذر على المتصفح التجوال فيه وأخذ المعلومة المناسبة. في المقابل راقبنا حركة الجمعيات البيئية التي تعتمد على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فوجدناها دائمة الحركة والتفعيل، تبعث غالباً برسالة بيئية لمتتبعيها، ولا تقف على حدود نشر صور عن أنشطة قديمة للجمعية، بل تتفاعل مع المشكلات البيئية اليومية والقضايا المحيطة، وتفسح في المجال أمام متتبعبها لتبادل الآراء.

على مستوى إصدار الجمعيات لنشرات بيئية خاصة بها، تبين أن ثماني جمعيات من أصل عشر لا تصدر أي نشرة، عازية الأسباب إلى عدم توافر الوقت لإعداد ذلك، وعدم توافر الأموال، وقلة عدد الأعضاء، إلى جانب أنها تجد أن الناس لا يحبون القراءة. في حين تحرص جمعيتان فقط على إصدار نشرة. وفي نظرة سريعة على إحدى هاتين النشرتين، نلاحظ أنها عبارة عن مجلة غنية بالصور والأخبار غير البيئية، كالولائم والتكريمات ولقاءات خاصة برئيس/ة الجمعية. وأشارت جمعية واحدة من أصل عشر إلى امتلاكها مرصداً بيئياً، الغاية منه «رصد مختلف أنواع المخالفات البيئية من ردميات، وتعدّيات، وقطع الأشجار، وصيد عشوائي، ورمي النفايات، وحرائق الغابات». بينما رأت تسع جمعيات أنها تفتقر إلى أمور أكثر أساسية والتصاقاً بآلية عملها، من تمويل إلى ملحق إعلامي، فمكتب مجهز بتقنيات حديثة…

وتفاوتت آراء الجمعيات حول امتلاكها أرشيفاً بيئياً خاصاً بها؛ أربع جمعيات أكّدت أنها تحتفظ في مكاتبها بأرشيف بيئي يمكن من يشاء الاطلاع عليه، في حين تملك جمعية واحدة أرشيفاً إلا أن الإستعانة به حكر على المنتسبين إليها. أما الجمعيات المتبقية، فتعتمد على أرشفة فردية، أي أن كل فرد يحتفظ بما يخصه، معتبرة أن لا حاجة للأرشفة في ظل وجود الإنترنت «فيمكن استرجاع المعلومات بكبسة زر». ومن الأمور الأساسية التي تعذّر على الجمعيات حسمها، هي أعداد المنتسبين إليها؛ فغالباً ما يتم تعداد الرئيس، وأمين السرّ وأمين الصندوق، ثمّ تبدأ التقديرات، وخصوصاً أن معظم المنتسبين متطوعون غير محكومين بدوام إنما تتم المراهنة على روح الالتزام لديهم. في هذا المجال لكل جمعية خصوصية، فبعضها يشكو تدني حضور الأعضاء في الاجتماعات الشهرية، إلا أنهم يشاركون في الأنشطة الميدانية وحملات التوعية. وتعجز جمعيات أخرى عن تنفيذ كامل برامجها لتعذر تأمين الناشطين. في هذا السياق، تؤكّد رئيسة جمعية «سيدس. انت» باتريسيا صفير: «يشارك غالباً نصف عدد الذين أكّدوا مشاركتهم عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ما يفرض علينا تعديلات على النشاط»، ناهيك بغيرها من المشكلات، بما فيها تقديم الأعذار في اللحظة الأخيرة، وإعطاء الأولوية لارتباطات عائلية على حساب الأنشطة البيئية.

على مستوى تدريب الجمعيات للمنتسبين إليها على اكتساب ثقافة بيئية، تبين أن تسع جمعيات من أصل عشر تحرص على تدريب أعضائها على اكتساب مهارات بيئية، بوتيرة غير منتظمة، تراوح بين مرتين في السنة إلى عشر مرات. وتكون غالباً موضوعات الدورات وأهدافها مرتبطة بالمشروع الذي تنفذه الجمعية، فيتم تدريب المنتسبين على نحو يدركون معه التعامل مع الإشكالية المطروحة. وأبرز الموضوعات التي تناولتها الجمعيات: إدارة الغابات، مكافحة الحرائق، المحميات الطبيعية، تلوث المياه، الحفاظ على التنوع البيولوجي، زراعة النباتات، فرز النفايات… وغيرها. أما بالنسبة إلى المحاضرين، فيتنوعون بين جهة أجنبية، دولية، سفارات، متطوعين، أكاديميين، بيئيين من جمعيات زميلة.

أما في شأن تدريب الجمعيات لأعضائها على اكتساب مهارات في الإعلام، وجدنا أن جمعية واحدة من أصل عشر تدرّب أعضاءها على اكتساب مهارات في الإعلام، إذ يتم إرسال مجموعة من الأعضاء مرتين في السنة للمشاركة في دورات في الخارج. أما الموضوعات التي يتم التدريب عليها فهي: كتابة خبر، ترويج فكرة، فن العناوين، فن الخطاب، وغيرها من الأدوات التي يحتاج إليها البيئي في تواصله مع الآخرين. في هذا السياق، يقول زاهر رضوان، رئيس جمعية «اليد الخضراء»، في ضوء تجربته تدريب الأعضاء لاكتساب مهارات في الإعلام: «إن مردود التدريب لم يكن بحجم الاستثمار فيه، نرسل الشباب للمشاركة في دورات في الخارج، وبعد مدة من عودتهم عوضاً من أن ينقلوا مهاراتهم إلى زملائهم، قد يتركون الجمعية، وبالتالي تكون الجمعية قد كابدت عبء التكاليف». ولكنه يؤكّد أن الجمعيات لم يعد بوسعها تجاهل لغة الإعلام، لأنها ستبقى وحيدة تغرّد في سربها. ولكي تصل إلى أوسع شريحة من الجمهور، لا بد من أن تتقن اللغة الأوسع وهي الإعلام.

 

ب – تواصل الجمعيات البيئية مع وسائل الاعلام

بقدر ما يكون حجم الجمهور الذي تشمله الجمعية البيئية واسعاً تكون مفاعيل الحملة التي تقودها مؤثرة. لذا لم يعد في وسع الجمعيات تجاهل وسائل الإعلام أو التعامل معها باستسهال، إنما يُنظر إليها بوصفها بوابة أساسية للعبور إلى جمهور أوسع متعدد المستويات الثقافية ومتنوع الانتماءات. ومهما يكن حجم المهارات التواصلية لدى الجمعية قوياً، فهو يبقى محدود التأثير، ما لم توظّفه الجمعية في تواصلها مع وسائل الإعلام ومختلف وسائل الاتصال المتاحة.

إن جمعية واحدة من أصل عشر فقط تملك ملحقاً إعلامياً، توكل إليه متابعة تفاصيل الشؤون الإعلامية والأنشطة البيئية، كما أشرنا سابقاً، بينما تحرص سبع جمعيات على التواصل باستمرار مع الإعلام. في المقابل هناك ثلاث جمعيات تتواصل أحياناً، لجملة اعتبارات، منها: «لا وقت لنلهث وراء وسائل الإعلام»؛ «لا تولي وسائل الإعلام أهمّية إلا للملفات التي تَدرُّ عليها الأرباح»؛ «تميّز الوسائل الإعلامية في تعاملها مع الجمعيات البيئية، ويتم غالباً التركيز على جمعية واحدة». وتؤكد الجمعيات البيئية السبع أن أسباباً جمّة تدفعها إلى تعزيز تواصلها مع وسائل الإعلام وتطويره، مفندة الأسباب بما يأتي: «يصل الإعلام إلى أوسع شريحة من الجمهور»، «إنه الوسيلة الأقل كلفة والأكثر تأثيراً»، «يشكل الإعلام وسيلة ضغط للتأثير في أصحاب القرار وفي محاسبة المعتدين على البيئة»، إضافة إلى أجوبة متشابهة تكررت مثل: «ترويج مشروع بيئي، ورفع منسوب الوعي البيئي والتعريف بالجمعية».

تُجمع الجمعيات البيئية، بصرف النظر عن وتيرة تعاملها مع الإعلام، على أن التواصل يتم بالدرجة الأولى عن طريق قنوات المعارف الشخصية والاتصالات الهاتفية التي يجريها أفراد الجمعية، كل بحسب أجندته. وتحل في الدرجة الثانية وسيلة اعتماد الرسائل الإلكترونية الرسمية، مع الإشارة إلى أنها محدودة التفاعل والاستجابة، كالدعوة إلى تغطية نشاط بيئي أو ندوة بيئية. فمن أصل عشر جمعيات، تسع منها تلجأ إلى الإعلام بهدف: «ترويج نشاط»، و«تعميم دعوة لورشة عمل»، و«نشر خبر»، وبالدرجة الثانية لنشر الوعي البيئي. ورأت جمعية واحدة فقط أنها تلجأ بالدرجة الأولى إلى الإعلام من أجل تسليط الضوء على «أهمية الطبيعة والمحافظة عليها، كذلك للتحذير من قضية أو كارثة بيئية». في هذا السياق، يجمع الجمعيات البيئية عتب مشترك، وهو عدم تفاعل وسائل الإعلام مع أخبار الجمعيات، إذ لا تعطى الحيِّز الكافي من الاهتمام، أو حتى أحياناً يتم تجاهل المواد المرسلة، وهذا يستفز الجمعيات ويحول دون تكرار التجربة، واستبدال التعاون الإعلامي بتجنيد صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وحساباتها الإلكترونية الخاصة.

في المقابل يلفت المسؤولون إلى انزعاجهم من استعانة الصحافيين بهم، فستّ جمعيات من أصل عشر وصفت لجوء وسائل الإعلام إليها، بـ «الموسمي»، موضحة: «عند المناسبات بحسب حاجة أجندتها»، و«لتلوين برامجها»، و«لسد نقص في موادها». بينما ذكرت أربع جمعيات أن الإعلام يتذكرها «بعد وقوع مشكلة بيئية أو كارثة عالمية»، أو «في اليوم العالمي للبيئة». أما في الأيام العادية، وفي الحالات الطبيعية، فما من لجوء منتظم للجمعيات، وتراوح وتيرة استعانة الإعلام بها بين المرة الواحدة في السنة والأربع مرات. وأبرز ما تزود به الجمعيات الصحافيين، إحصاءات عن الحرائق في لبنان، ودليل بالمواقع الحرجية، ونبذة عن صنوف نباتية محددة، وتقرير عن حجم النفايات وسبل التخلص منها.

أما الوسيلة الإعلامية التي تفضّلها كل جمعية، فقد تنوعت الأجوبة بين المرئي والمكتوب والمسموع والإلكتروني. في الدرجة الأولى تنافس الإعلام المرئي والإلكتروني، كونهما أوسع الوسائل انتشاراً وأكثرها رواجاً، مع فارق بسيط هو أن «الإلكتروني شبه مجاني» بينما المرئي «الهوا مكلف»، على حد تعبير مسؤول إحدى الجمعيات، الذي قدّم مثـلاً عن تجربته مع القنوات التلفزيونية اللبنانية: «يندلع حريق، فنبادر فوراً إلى الاتصال بالدفاع المدني الذي يحضر بسرعة، أما إذا حاولنا الاتصال بالمحطات التلفزيونية، فإنها عوضاً من أن تستعجل وترسل مراسـلاً وكاميرا تنقل حجم الكارثة وهول الحريق، ينهال الصحافي علينا بالأسئلة، ويندر أن تُنقل المشكلة البيئية إلا إذا استمر الحريق لليوم التالي، مما يولّد لدينا حال نفور».

نظراً إلى أن القسم الأكبر من الجمعيات ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، اختارت خمس جمعيات التواصل مع المواقع الإلكترونية كأوّلوية، على اعتبار أنها مكمّلة لنشاطها الإلكتروني وتتفاعل أسرع مع أخبارها ومع الصور من دون أن تكابد الجمعيات مصاريف إضافية. وفي الوقت عينه لم تسقط التلفاز كخيار أوّل والأشد تأثيراً في الجمهور.

وسط هذه المنافسة المحمومة، حلّت متابعة الصفحات البيئية في الصحف اللبنانية في المرتبة الثالثة ضمن سلّم أولويات الجمعيات. وعبّر مسؤولو الجمعيات عن عتبهم من اجتزاء البيانات التي يتم إرسالها إلى الصحافيين في الصفحات البيئية. إلا أنهم، في المقابل أثنوا على الاستعانة بآرائهم وخبراتهم في التحقيقات الصحافية، أكثر مما يُتاح لهم في المحطات التلفزيونية. أما في المرتبة الرابعة فقد حلّ التواصل مع المحطات الإذاعية، إذ تعتمد الجمعيات في ما ندر على أثير الإذاعات في نقل صرختها أو نشاطها. مع الإشارة هَهنا إلى انزعاجهم من عدم إرسال الإذاعات صحافييها للمشاركة في ندوات أو تغطيات دعت إليها الجمعيات.

ج – نظرة الجمعيات البيئية إلى الصحافيين «البيئيين»‏[11]

يُجمع المسؤولون العشرة عن الجمعيات الذين قابلناهم، على غياب الثقافة البيئية الكافية لدى الصحافيين، وتدنّي روح المسؤولية الاجتماعية لديهم، والثقافة البيئية على حد سواء، مشيرين إلى «أن السبق الصحافي محور اهتمام العدد الأكبر من الصحافيين بصرف النظر عن دقة «السكوب» ومصدره، ومدى تأثيره في الناس»، كذلك ينتقدون «غياب الإعداد المسبق للملفات لدى الصحافيين».

في هذا السياق، لا يمكننا تجاهل رغبة مسؤولي الجمعيات في التواصل مع عدد محدود من الصحافيين المسؤولين في المؤسسات الإعلامية والممسكين بملف البيئة. هنا يشير أحد مسؤولي الجمعيات إلى الفارق الشاسع على مستوى الوعي البيئي بين المسؤول عن ملف البيئة والفريق العامل معه في مختلف تلك المؤسسات، فيأسف لإرسالها مندوبين لا يدركون شجون البيئة، بينما يبقى الملم الأكبر (المسؤول عن الملف) خلف مكتبه، مكتفياً بمقالة أو بإشراف على أعمال الصحافيين، معتبراً أنه مؤشر استخفاف بالأحداث البيئية، وأن تعيين مسؤول عن ملف البيئة مجرد «برستيج» تتباهى به المؤسسات في ما بينها.

حيال عدم رضى الجمعيات البيئية وتذمُّرها من ضعف مهارات الصحافيين البيئيين، جمعية واحدة من أصل عشر أشارت إلى أنها تسعى لصقل مهارات الصحافيين عبر دعوتهم إلى دورات تدريبية، بينما الجمعيات التسع الأخرى لا تُحاول تغيير الواقع، ولا تبدي أي رأي إلا بطلب من مؤسسة إعلامية أو تجاوباً مع أحد الصحافيين المكلّفين بمسألة بيئية.

لا ينكر مسؤولو الجمعيات البيئية أن الأخبار السياسية أشبه بالقوت اليومي لوسائل الإعلام اللبنانية، وأن أولوية الأخبار محكومة بالمستجدات الأمنية والتجاذبات السياسية المتشعبة بين القوى والأحزاب المحلية. إلا أنهم يرفضون الاستسلام حيال هذا الواقع، ويراهنون على اليوم الذي تفرض فيه البيئة نفسها في مقدمات نشرات الأخبار، وعلى الغلاف الأول للصحف، ومحور الأخبار العاجلة على الهواتف، والمواقع الإلكترونية. نذكر على سبيل المثال تاريخ 21 تموز/يوليو 2015، اليوم الذي تصدّر مشهد غزو النفايات المناطق اللبنانية مضامين وسائل الإعلام. في موازاة ذلك، يعرب مسؤولو الجمعيات عن أسفهم لتهافت الإعلام على تخصيص فسحة لمشكلة بيئية بعد حدوثها، عوضاً من التحذير منها قبل وقوعها، كالتوعية على التحكم في حجم النفايات الفردية، وفرزها.

2 – العلاقة من منظور وسائل الإعلام

بهدف معرفة طبيعة العلاقة بين الجمعيات البيئية ووسائل الإعلام من منظور هذه الأخيرة، أجرينا مقابلات مع صحافيين واكبوا قضية البيئة وملفاتها لسنوات، وهم: حبيب معلوف تولى إدارة صفحة البيئة في جريدة السفير لأكثر من 18 سنة، نبيل أبو غانم مسؤول صفحة البيئة في جريدة المستقبل لأكثر من 15 سنة، وبسكال عازار واكبت الملف البيئي لنحو 5 سنوات في جريدة النهار.

أ – تواصل الصحافيين البيئيين مع الجمعيات البيئية

في معرض تقييم المسؤولين عن الملف البيئي لواقع تواصلهم مع الجمعيات البيئية، تبيَّن أن لكل واحد منهم تجربة خاصة، يشوبها التعاون والقطيعة على حد سواء. بالنسبة إلى تجربة الصحافي حبيب معلوف التي امتدت لسنوات في جريدة السفير، ولاحقاً في جريدة الأخبار، رأى أن العلاقة مرّت بمختلف المستويات: «في التسعينيات بدأت العلاقة تبادلية، مبنية على النقاشات والأخذ والرد. ومع تزايد أعداد الجمعيات، وانهماكها بالمنافسة في ما بينها لتثبيت نفسها من جهة أو لكسب ثقة الممولين من جهة أخرى، تحولت العلاقة إلى موسمية، لأن الجمعيات باتت تلجأ إلينا أحياناً، وبعد سنوات شهدت العلاقة انقطاعاً أو شبه فقدان للاتصال التام».

بعد أعوام من النضال البيئي، يرى معلوف أن الحل الأنسب يكون بانتقاء جمعيات محددة للتعامل معها، موضحاً: «ساهمت المشكلات البيئية التي واجهها لبنان، بعد الحرب الأهلية، وفي مرحلة لاحقة بعد حرب تموز [يوليو] 2006، في غربلة الجمعيات البيئية الحقيقية والأخرى القائمة لغايات مشبوهة، فتوضحت الصورة، وبات بوسعنا معرفة لأي من الجمعيات نمد يد التعاون ونُتيح لها استخدام منبر صفحة البيئة».

أما في جريدة النهار، فقد تسنى للصحافية باسكال عازار، قبل أن تتسلم الملف البيئي، جس نبض الجمعيات البيئية من خلال التغطيات الميدانية التي كانت تقوم بها، والجمعيات التي التقتها. لذا فضّلت، منذ تسلّمها الملف (من عام 2010 حتى عام 2015)، وضع لائحة بالجمعيات الجدّية للتعاون معها. وتقول عازار: «كنت أذهب غالباً إلى أقصى القرى اللبنانية، وفي أيام إجازتي، لمجرد تلبية دعوات الجمعيات البيئية، إلا أنني كنت أفاجأ أحياناً بطبيعة الأنشطة، أذكر منها طلاء جدار في حي من البلدات النائية، فيضيع النهار وتتعطل أشغالنا من أجل خبر كان بوسعنا أخذه عن الوكالة أو أن تزودنا به الجمعية». وتلفت عازار إلى النفور الذي ولّدته بعض الجمعيات لدى الصحافيين: «نأسف لوجود جمعيات «بالاسم بيئية»، تُحاول إرضاء الجهة الممولة، وأحياناً مختار الضيعة، وتراعي خواطر عدد من السياسيين والمعنيين بالنشاط، من دون أن تأتي على ذكر الصحافيين وما قد يُناسبهم، وكأنه فرض واجب عليهم تغطية كل الأنشطة التي يُدعون إليها».

يبدو نبيل أبو غانم أكثر تسامحاً مع الجمعيات البيئية، إذ يحرص على نشر أخبارها تشجيعاً لها، «وهذا ما خلق نوعاً من الجدية في العلاقة بين الصفحة والجمعيات» على حد تعبيره. يرى أبو غانم، بصرف النظر عن حجمم النشاط البيئي، أنه ينم عن جدية ورغبة لدى الجمعية في إيصال فكرة بيئية محددة. لذا، «في بداية الأمر، نتعاون، وإذا رأينا أن مجهود الجمعية توقف عند هذا الحد، بمعنى أنها لا تعمل على صقل مهاراتها، لا نكرر تعاوننا معها، فتفهم الجمعية الرسالة، وتعمل في المرة المقبلة على تقديم طبق مقنع، نشاط قد يستقطب التغطية الإعلامية ويولّد المنافسة بين الصحافيين لتغطيته، فأحياناً النشاط يفرض نفسه».

ولدى استفسارنا عن مدى استعانتهم بالجمعيات البيئية في كتاباتهم، تتنوع أجوبة الصحافيين البيئيين وتبدو متضاربة. بالنسبة إلى معلوف، المسألة محسومة، فهو لا يستعين بالجمعيات البيئية، «نحن من نزوّدها بالمعطيات، ومعظم الندوات التي أشارك فيها ألاحظ أن 90 في المئة من أرشيفها يحمل مقالاتي». أما عازار فأحياناً كانت تلجأ إلى الجمعيات البيئية، لذا فإن العلاقة بينهما غير مستقرة، ذلك بحسب توافر المعطيات القيمة لدى الجمعية التي من شأنها أن تخدم الموضوعات. وتوضح عازار: «أحياناً لا تملك أي من الجمعيات صورة وافية عن المشكلة التي أكتب عنها، أو حلولاً يمكن البناء عليها، أو حتى أرشيفاً غنياً بالأرقام يمكن الاستناد إليه، فلا أتشجع ثانية لقرع بابها». في المقابل بدت القنوات أكثر اتساعاً في المستقبل، إذ «يتم غالباً اللجوء إلى الجمعيات البيئية»، ويوضح أبو غانم: «ربما لا نجد ما نبحث عنه كامـلاً لدى الجمعيات من معلومات، ولكن نحاول قدر المستطاع إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة».

في سياق متصل، بالنسبة إلى الغايات التي تدفع الجمعيات إلى اللجوء إلى الإعلام، يقول معلوف «90 بالمئة من الجمعيات تلوذ بالإعلام للتسويق لأنشطتها فقط». أما عازار وأبو غانم فيريان أنه: «أياً يكن الهدف، لا شك في أنه يحمل رسالة بيئية سواء أكانت رغبة الجمعية فقط نشر بيان لها فقط، أم ترويج انشطتها، أم حباً بالظهور».

ب – نظرة الصحافيين البيئيين إلى ورش عمل الجمعيات البيئية

يُجمع المسؤولون عن الملف البيئي، على تلقيهم دعوات من جمعيات بيئية للمشاركة في ورش عمل. إلا أن لكل مسؤول ملاحظاته الخاصة على مضمون الورش، فتشير عازار إلى غياب الابتكار واستسهال الموضوعات، «معظم الدورات التي أشارك فيها بوسعي الحصول على ما تضمنته من معلومات عبر شبكة غوغل».

وينتقد معلوف عملية النسخ واللصق (Copy Paste) المتكررة لمضامين كتاباته: «ألاحظ أن بعض الجمعيات يعيد استخدام 90 بالمئة مما أكتبه في الصفحة الأسبوعية في السفير، مرات كثيرة من دون ذكر المصدر، وهذا ينم عن ضعف لدى الناشطين البيئيين في ابتكار مضامين أو ترجمة دراسات». ويتوقف معلوف على محدودية الابتكار لدى الجمعيات، «أقصى مجهود يُبذل يتجسد في دعوة مهندس زراعي، أو أستاذ جامعي»، مؤكداً أنه لا يُقلل من أهمية الضيوف، متمنياً «لو نصل إلى مرحلة يصبح مسؤولو الجمعيات وأبرز الناشطين فيها متمكنين من إدارة ندوة وفتح نقاش بيئي فلسفي، يطرح المشكلة ويستعرض الحلول». وبالنسبة إلى أبو غانم فهو يرى «أن موضوعات الدورات عينها تتكرر، وهي: التلوث، الحرائق، التحريج، نسمع في ما ندر عن تنظيم جمعية دورة حول مفاهيم بيئية جديدة، معظمها يعمل من الموجود جود».

3 – أسباب ضعف التفاعل بين وسائل الإعلام والجمعيات البيئية

عزا المسؤولون «موسمية» التفاعل بين الإعلام والجمعيات البيئية، إلى غير سبب، حل بالدرجة الأولى لامبالاة بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية بالجانب البيئي لمصالح تمويلية. إذ يلفت معلوف إلى «تأثر الإعلام بالملوثين الذين يُسيطرون على سوق الإعلانات»، فرغبة من أصحاب المؤسسات الإعلامية المحافظة على علاقاتهم مع المعلنين، يتجنبون خوض غمار التعديات على البيئة، و«في أقصى الحالات يعرّجون على البيئة من باب العموميات وفي فترات تشهد الأخبار المحلية ركوداً».

ويلفت معلوف النظر إلى غياب الجدّية لدى مجموعة من الصحافيين والجمعيات على حد سواء، «بعض المحطات التلفزيونية تُرسل في ما ندر مندوبيها للمشاركة في دورة بيئية تثقيفية، ولا تكلّف نفسها عناء الاعتذار. في المقابل لا نرى الجمعيات تفرض نفسها كلاعب أساسي في حماية البيئة، فتتلهى بقضايا ثانوية أو أفكار مكررة، بدلاً من البحث عن الإبداع». أما عازار فترى «أن الموضوع البيئي لا يجذب وسائل الإعلام، لذا لا تتعامل معه كأوّلوية، بينما يتم التركيز على القضايا السياسية اليومية والمسائل الجنسية، نظراً إلى قدرة الموضوعين على جذب الجمهور وبالتالي كسب المعلنين». وتتوقف عازار عند إحدى نتائج افتقار معظم الجمعيات البيئية لملحق إعلامي، موضحة: «نعاني مشكلة جوهرية، معظم الجمعيات لا تُوظف ملحقاً إعلامياً يُغطي أنشطتها ويعمم أخبارها، فتقع كامل المسؤولية على الصحافي سواء أكان النشاط في المدينة أم في مناطق نائية، حتى إن الجمعيات لا تأخذ في الحسبان التوقيت والمكان المناسبين لنشاطها، مما ينعكس سلباً على طبيعة المشاركة وحجم التغطية الإعلامية له».

رابعاً: نحو تعزيز الوعي البيئي

تبين لنا أن العلاقة بين وسائل الإعلام والجمعيات البيئية في لبنان يشوبها ثغر كثيرة تحول دون تعزيز المضامين البيئية إعلامياً، ودون تحقيق الجمعيات البيئية أهدافها أو إيصال رسائلها، وهذا ينعكس سلباً على إشاعة الوعي البيئي لدى المواطنين. وهنا نتوقف عند بعض الثغر التي لا بد من معالجتها.

تحرص الجمعيات البيئية على عدم شغور منصب أمين الصندوق أو الرئيس لديها، لأن هذا النوع من الفراغ يثير ريبة الجهات الممولة، وبالتالي قد تجيّر التمويل إلى جمعية أخرى، في المقابل لا تبدي الاهتمام نفسه لتخصيص ملحق إعلامي توكل إليه المهمات الإعلامية، علماً أن وجود الملحق الإعلامي، سيوفّر إطلالات إعلامية للجمعية وأفرادها، مقابلات، مداخلات، تنظيم لقاءات… وبالتالي تأمين مواكبة إعلامية لنشاط الجمعية ورسالتها، وهو ما يُعزز الوعي البيئي. مع الإشارة إلى أن بعض الجمعيات عاتب على وسائل الإعلام لاستضافتها الأسماء عينها من الناشطين البيئيين وتعاملها باستنسابية مع بقية الجمعيات، من هنا أهمية الملحق الإعلامي كحلقة وصل بين الجمعية والإعلام.

حيال تعدد وجوه الصحافيين المنتدبين من مؤسساتهم لتغطية أنشطة الجمعيات البيئية، يُجبر الناشطون البيئيون على العودة إلى نقطة الصفر في مختلف المشاريع التي يقومون بها، من التعريف بالجمعية وأهدافها… في السياق نفسه، تتعدد أسماء المتحدثين الإعلاميين بالمشروع نفسه في الجمعية البيئية الواحدة، وهذا يُوقع الصحافي في لغط ومن تعذر الوصول إلى جواب واحد مشترك ضمن الجمعية البيئية.

في ضعف التعاون بين المؤسسات الإعلامية والجمعيات البيئية عدم معرفة كافية لكل طرف لآلية عمل الآخر وللتحديات التي ترافق عمله. وفي ظل اهتمام أرباب المؤسسات الإعلامية بالمعلنين وبالجمهور و«الريتنغ»، يعيش الصحافي ضغطاً مزدوجاً، إذ اتضح أن بعض أرباب العمل يتدخلون بطريقة مباشرة في المواد الإعلامية عبر إعطاء ملاحظات كمثل «فلان ما بدنا نزعلو»، أو بطريقة غير مباشرة، كالاتصال بالصحافي وطرح معالجة مسألة بيئية محددة عليه وتأجيل أخرى. فالموضوعات البيئية المتمثلة بتعديات السياسيين على الأملاك العامة أو كشف كسارة لأحد النافذين، أو التذمر من انبعاثات معمل لأحد المتمولين… موضوعات تندرج أحياناً ضمن المحرّمات، وتخضع مسبقاً لميزان الحسابات السياسية، والاستراتيجية العامة التي تنتهجها المؤسسة الإعلامية. وأكثر ما يُقلص هامش تَحرّك هؤلاء الصحافيين، أن معظم ملكية وسائل الإعلام تعود إلى سياسيين أو إلى أطراف محسوبة على قوى سياسية، ما يدفع القيمين على الملف البيئي إلى تفعيل رقابتهم الذاتية، على نحو لا يتحولون معه إلى شهود زور في الموضوع البيئي، وفي الوقت عينه، لا يصطدمون مع إداراتهم، فتذهب بالتالي الموضوعات المطروحة من جانبهم، أو التغطيات التي قاموا بها لأنشطة بعض الجمعيات البيئية سدى. لذا يبدو واضحاً أن تخصيص مساحة للبيئة في الصحيفة لا يعكس بالضرورة غيرة أصحاب تلك المؤسسة على البيئة ودفاعهم المستميت عنها، إنما لجملة عوامل ظرفية، من أبرزها: تعاظم المشكلات البيئية وتعبئة فراغات ما توافر من صحافيين مهتمين ومختصين بالموضوع، وكسب جمهور الجمعيات البيئية والمجتمع المدني، وتعزيز صورة الصحيفة بأنها تهتم بقضايا المواطنين.

التخصص في المجال البيئي، الانطلاق من قناعة راسخة بأهمية القضايا البيئية والتعاطي مع هذه القضايا بطريقة علمية لا عاطفية، الخضوع لدورات تدريبية وورش عمل متخصصة، ثغر إذا أحسن كل من الجمعيات البيئية والمؤسسات الإعلامية التعاطي معها تحقق الوعي البيئي المنشود.

خلاصة

ساهمت الأزمات البيئية المتلاحقة، سواء عالمياً أم محلياً، إلى حد كبير، في جذب وسائل الإعلام إليها، وفرضت على الصحافيين إعادة ترتيب أولوياتهم وأجنداتهم. على سبيل المثال، أزمة النفايات التي تفشت في لبنان منتصف عام 2015، أعادت تصنيف موقع البيئة في المشهد الإعلامي اللبناني مقابلة بموضوعات أخرى. فبات الواقع البيئي يتصدر عناوين الصحف، وصور أكياس القمامة تغزو الصفحات الأولى، سواء أكانت تُخصص الصحيفة سلفاً صفحة للبيئة أم لا. وتحول الناشطون البيئيون الذين لم يجدوا لسنوات من يسمع لهم، إلى ضيوف معزّزين مكرّمين في برامج «التوك شو». بيد أن هذا الاهتمام الإعلامي البيئي الظرفي أو سواه من الظروف الاستثنائية لا يُمكنه أن يكرّس لدى الجمهور الوعي البيئي الذي يحد من المشكلات البيئية المتراكمة.

لذا يبقى دور الإعلام البيئي مجتزأً ما لم يتوخَّ في مضامينه سلسلة أهداف وغايات تتخطى مجرد الإخبار الموسمي. ومن أبرز تلك الغايات: إحداث تغيير سلوكي في تعامل المواطنين مع البيئة، ومساعدتهم على الانخراط في عملية حماية البيئة والحفاظ على مواردها، وفي الوقت عينه تحفيزهم على إيصال آرائهم إلى المعنيين، ما يعني أن على «وسائل الإعلام، ألّا تكتفي بدورها كشاهد أو كناقل، لقضايا البيئة، بل أن تسعى إلى المساهمة في نشر الوعي البيئي السليم إضافة إلى دورها في تغطية المشكلات البيئية»‏[1]. لذا من خلال دراستنا للعلاقة بين الصحافيين المتخصصين في الملف البيئي والجمعيات البيئية، تبين لنا تعذُّر بلوغ الوعي البيئي المنشود لدى المواطنين ما لم تعالَج مجموعة من الثغر.

إن ضعف المعالجة الصحافية لموضوع البيئة مرتبط بمكامن الخلل في مهارات الناشطين البيئيين لدى الجمعيات البيئية. فالعدد الأكبر من هذه الجمعيات يفتقر إلى التخصص، وأهدافه متشعبة، وغاياته متداخلة، واهتماماته متعددة. لا تركّز الجمعيات نشاطها على مكوّن واحد من البيئة، أو على حماية عنصر من عناصر الطبيعة، بل تبدو منهمكة بمختلف الشجون البيئية وهذا يضعها في حال من الإرتباك والمراوحة في المكان عينه.

لذا لا يكفي أن تعترف الجمعيات البيئية بأنها عاجزة عن بلوغ هدفها من دون الإعلام، ولا بد من تعزيز مهاراتها التواصلية، وإتقان لغة الصحافيين وخصوصية العمل الإعلامي، عبر تخصيص ملحق إعلامي يتابع معهم بحسب أنشطة الجمعية. مع وجود الملحق الإعلامي تحلّ الجمعية عدداً من المشكلات، أبرزها: وجود خبر بيئي صالح للنشر مزود بصور أو بشريط فيديو، يُعمَّم على الوسائل الإعلامية، من جهة يتسلم الصحافي مادة قابلة للنشر، ومن جهة أخرى يصبح على دراية بالكلمات المفتاحية الخاصة بالموضوع البيئي، وبالتالي تسقط التحليلات الصحافية الخالية من الخلفية البيئية.

انطلاقاً مما تَقدم، تبقى مساعي البيئيين مبتورة ما لم تلاقهم جهود الصحافيين إلى منتصف الطريق. كذلك سيتعذر طرح القضايا البيئية للنقاش في حقل الفضاء العمومي، ما لم يتعاون الباحثون البيئيون المفترض بهم معاينة الموضوعات البيئية والعمل على أشكلتها وطرحها كقضية للنقاش أمام مختلف الأطراف المعنية، عندها تنجذب وسائل الإعلام نحوهم وتلاقيهم، بالتالي تتحقق إمكان طرح القضايا البيئية في حقل الفضاء العمومي لتتمكن من النفاذ إلى دوائر صنع القرار.

 

قد يهمكم أيضاً  حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #البيئة_في_لبنان #الجمعيات_البيئية_في_لبنان #وسائل_الإعلام_اللبنانية #لبنان

#جرائم_بيئية_في_لبنان #دراسات_بيئية