المؤلف: محيي الدين عميمور

مراجعة: قسم التوثيق والمعلومات في مركز دراسات الوحدة العربية

الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت

سنة النشر: 2024

عدد الصفحات: 464 

يقدم هذا الكتاب قراءة نقدية لمرحلة مهمة من تاريخ الجزائر السياسي المعاصر، وذلك من خلال مراجعة مؤلفه محي الدين عميمور لتجربته في العمل السياسي في ظل رئاسة عبد العزيز بوتفليقة على مدى نحو نصف قرن من الحياة السياسية في الجزائر بعد الاستقلال. والكتاب – كما نقرأ في تعريفه – ليس سيرة ذاتية للمؤلف أو للرئيس بوتفليقة، بل يعكس تأملات شخصية ومواقف للمؤلف إزاء أحداث وقرارات اتخذها بوتفليقة تجاه قضايا ومناسبات عدّها المؤلف «فرص ضائعة» كونه لم يتم الإفادة منها ولم تسهم في بلورة رؤية مستقبلية أفضل لحكم البلاد.

يتناول المؤلف بصورة رئيسية مسيرة حكم الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة (1999 – 2019) الذي وافته المنية عام 2021، وذلك من خلال ذكريات كان الرئيس بوتفليقة جزءًا رئيسيًا منها أو طرفًا مهمًا من أطرافها، وكان المؤلف أحد عناصرها وشهودها.

يسعى المؤلف إلى تقييم مسيرة بوتفليقة من خلال مجموعة من المواقف والأحداث التي عايشها معه وكان شاهدًا عليها، فيرى أن الفضل الأول والرئيس لتألق بوتفليقة كان انتماؤه إلى الثورة الجزائرية، والفضل الثاني يعود إلى ارتباطه بقائدين من رموزها هما: أحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية، وهواري بومدين، ثاني رئيس للجمهورية، وهما أول من انطلق بالدولة الجزائرية المستقلة بقيادة جبهة التحرير الوطني التي مثّل الجيش الوطني عمادها الفقري.

ويتوقف المؤلف أمام ما يراه مهمًّا من أحداث عايشها وبوتفليقة، فيبدي إعجابه بما أنجزه بوتفليقة على المستوى الوطني، متناولًا دوره الإيجابي والفاعل في استكمال المصالحة الوطنية، وإزالة رواسب «العشرية الدموية» التي أرهقت الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، والتخلص من الديون الخارجية في عهده، إضافة إلى النهضة العمرانية التي شهدتها معظم مناطق الجمهورية، وزيادة مؤسسات التعليم العالي، وغير ذلك من الإنجازات، ناهيك بمواقف بوتفليقة الشخصية التي رأى فيها المؤلف تعاطفًا معه أوقات الشدة، ومنها اختياره من قبل بوتفليقة عضوًا من الأعضاء التي يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم في مجلس الأمة وذلك بعد إنهاء مهامه كوزير للثقافة والاتصال في حكومة بوتفليقة، وما أبداه الرئيس من رعاية له أثناء مرضه.

وفي ما يتعلق بما يراه المؤلف من سلبيات في ممارسات بوتفليقة السياسية، يتحدث عن تهميش بوتفليقة لدور الرئيس الأمين زروال في المصالحة الوطنية، وتجاهل إرث وإنجازات الرئيس هواري بومدين، وتدهور وضع اللغة العربية في عهده وتوجهه نحو الليبرالية والفرنكوفونية، وانتشار دوائر الفساد وتعامله مع مسألة الأمازيغية على نحو مثير للانقسام في البلاد، إذ كان بوتفليقة قرر إنشاء أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية واعتماد رأس السنة الأمازيغية عيدًا وطنيًا ورسميًا، وهو ما تسبب بشرخ في أوساط الجزائريين، بين من يرى ذلك تتويجًا لنضال المدافعين عن الأمازيغية كجزء أساسي من الهوية الجزائرية، وقطاع آخر يعتقد بأن بوتفليقة يبحث عن استمالة منطقة القبائل الأمازيغية لمصلحته، تسهيلًا لترشحه لولاية خامسة، وذلك بعدما انزلق لتعديل الدستور ليحظى بولاية ثالثة في الحكم بعد عام 2008.

ومن المحطات المهمة التي يتوقف عندها المؤلف أيضًا محاولات التطبيع الإسرائيلية مع الجزائر ومصافحة إيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك لبوتفليقة على هامش جنازة الملك الحسن الثاني في المغرب وزيارة عدد من الصحافيين الجزائريين للأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى المؤلف أن بوتفليقة فوجئ بالوفد الإسرائيلي يقترب منه ليمد باراك يده للمصافحة ولم يكن بإمكان بوتفليقة تجنّب المصافحة – من باب اللياقة واحترام البروتوكول المغربي، أما الذين زاروا إسرائيل، فيرى أن بوتفليقة لم يتخذ موقفًا حازمًا منهم، لكنه عزل وزير الاتصال آنذاك لأنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة، وكان هذا الوزير حينها عبد المجيد تبون (الرئيس الجزائري الحالي).

ومن المسائل التي يمكن التوقف عندها أيضًا محاولة المؤلف تحميل بوتفليقة مسؤولية عدم تحقيق تقدم في قضية الصحراء المزمنة، مشيرًا إلى أن المغرب قدم اقتراحًا للحكم الذاتي في الصحراء ولم تتقدم الجزائر باقتراح مماثل. كذلك يأخذ المؤلف على بوتفليقة عدم تمكّنه في ولايته الرابعة خصوصًا من حماية الوفرة المالية من أصابع الفساد. ويختم بأن الشعب الجزائري من الشعوب الأصيلة النبيلة التي تضع كل شيء في مكانه، وتدرك بأن الراحل بوتفليقة كغيره من القادة، أحسن وأساء، أصلح وأفسد.

تفضلوا بالضغط على الرابط للحصول على الكتاب

الفرص الضائعة مع عبد العزيز بوتفليقة

المصادر:

نُشرت هذه المراجعة في مجلة المستقبل العربي العدد 550 كانون الأول/ديسمبر 2024.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز